يبدو أن وسائل الإعلام البريطانية بما تتمتع به من حرية التعبير عن الرأي لن تساهم في دفع سياسة التقارب التي انتهجتها الحكومة البريطانية أخيراً وانفتاحها الاقتصادي على الصين، إذ أعلنت صحيفة »الغارديان« أمس، أنها وقعت ضحية لإجراءات الرقابة على الصحف من جانب السلطات الصينية التي حجبت التحقيق الصحافي الموسع عن الفساد المستشري في أروقة السلطة والمحسوبيات في الصين المنشور على الموقع الإلكتروني الخاص بالصحيفة.
وذكرت »الغارديان« أن قراءها في الصين الذين حاولوا فتح الموضوع عن الفساد في الصين المنشور أمس فشلوا في ذلك، فيما فشل قراء آخرون من الدخول إلى موقع الصحيفة كلياً.
وعزت »الغارديان« استخدام السلطات الصينية الإجراء الرقابي ضدها إلى التحقيق الذي كشفت فيه حصول أقارب عدد من القادة السياسيين والعسكريين في الصين على منافع خاصة وتمكنهم من فتح حسابات سرية في شركات »أوف شور« مسجلة في جزر البحر الكاريبي. وأوضحت أن التحقيق المنشور أمس، استند على مجموعة وثائق اطلعت الصحيفة عليها من ضمنها وثائق تدين كلاً من زوج أخت الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوج أخت رئيس الوزراء الصيني السابق وين جيابو، وأن نحو 21 ألف مواطن صيني آخر يحتفظون لأنفسهم بحسابات سرية في منطقة الكاريبي أيضاً.
وتابعت »الغارديان« أنها أجرت على مدى عامين متواصلين تحقيقاً صحافياً موسعاً حول نشاط شركات الـ »أوف شور« بالاشتراك مع المجموعة الدولية للتحقيقات الصحافية )آي سي آي جيه( التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، وحصلت خلال العملية على مجموعة وثائق من شركتي »أوف شور« بريطانيتين مسجلتين في الجزر العذراء الأميركية )فيرجن أيلاندز( ومن مؤسسات إعلامية دولية أخرى.
وأوضحت »الغارديان« أن الرقابة الصينية لم تقتصر على موقع الصحيفة، بل تعدته إلى مواقع كل من »آي سي آي جيه« وصحيفة »إلبايس« الإسبانية وصحيفة »الميل« في أستراليا اللتين اشترتا حق نشر التحقيق الصحافي ذاته حول الفساد في الصين.
وأشارت »الغارديان« إلى أن السلطات الصينية لم تتمكن من حجب التحقيق الصحافي عن الفساد في الصين الذي نشر في أكثر من موقع لصحف عالمية أخرى اشترت حق نشره في فرنسا وألمانيا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة.
ورأت الصحيفة أن السلطات الصينية على ما يبدو تضايقت من نشر التحقيق الصحافي عن الفساد في الصين، خصوصا وأن الرئيس جينبينغ أعلن أخيراً حملة للتقشف ومكافحة الفساد، جرى فيها توقيف عدد من المسؤولين الصينيين وتقديمهم إلى المحاكمة بتهم تتعلق بالفساد.
وكانت صحيفة »نيويورك تايمز« ووكالة أنباء »بلومبيرغ« الأميركيتين تعرضتا عام 2012 إلى إجراء رقابي مشابه بسبب تقارير نشرتاه حول الفساد وحسابات الـ »أوف شور« التابعة لأقارب المسؤولين الصينيين في الجزر العذراء الأميركية التي تشمل أربع جزر رئيسية هي سينت توماس، وسينت جون، وسينت كروا، ووتر آيلاند، وعدد من الجزر الصغيرة الأخرى. فيما تعرّض مراسلو الـ »نيويورك تايمز« في الصين لسحب تأشيرات السفر منهم بسبب التقارير التي نشرت في الصحيفة حول الموضوع.