الحمض النووي علم جديد في هذا الباب وسوف نبسطه لكم هنا
ونوضح علاقته بعلم الانساب
المواضيع هنا منقوله من مواقع متخصصه في هذا العلم
تعريف مشروع الجينوم البشري
هناك عدة أسئلة لا بد من الإجابة عنها لنتعرف على فكرة وأهداف مشروع التعرف على مجموعة العوامل الوراثية في الإنسان أو Human Genome project
أول هذه الأسئلة هو:
تركيبةالـ دي إن أي (DNA)
الحمض النووي دي إن إي له تركيبة واحدة في الإنسان وفي كل الكائنات الحية. وهو عبارة عن شريطين ملتصقين ملتفين حول بعضهما كسلم الطوارئ الملفوف .و تتكون جوانبه من جزئيات السكر والفوسفات، وتتكون درجات هذا السلم من مجموعة من القواعد النيتروجينية.ومعنى هذا أن كل شريط يتكون وحدات من سكر وفسفور و قاعدة نيتروجينية .وتسمى كل وحدة النيكليوتيدات . هناك أربع أنواع من القواعد نيتروجينية وهي: الأدنين (A) و الثيمين ( T) و السيتوزين (C) و الجوانين (G) و .إن الذي يحدد التعليمات الوراثية لخلق كائن حي بصفاته الوراثية المعينة. ويربط الشريطين ببعضهما البعض عن بواسطة روابط بين كل قاعدتين نيتروجينتين .وهذا الارتباط بين قاعدتين يعرف بزوج من القواعد (Base Pairs). يحدد حجم الجينوم البشري بعدد أزواج القواعد الموجودة في الخلية .ويعتقد أن خلايا الإنسان تحتوي على حوالي 3 بلايين زوج من القواعد.بعد أن عرفنا تركيبة DNA وأنّ ترتيب القواعد يحدد الصفات الوراثية يبقى سؤال مهم هو:
كيف تنتقل هذه الصفات من الخلية الأم إلى الخلايا الجديدة؟كيف تنتقل هذه الصفات من الخلية الأم إلى الخلايا الجديدة؟
تنتقل المعلومات من خلية إلى أخرى عند انقسام الخلية. و الخطوات التالية تشرح بشكل مبسط كيف يحدث الانقسام وكيف تنتقل المعلومات- على شكل حمض نووي- عند انقسام الخلية.فقبل الانقسام يضاعف كمية الحمض النووي دي إن أي ،إلى ضعفين.ويحدث هذا التضاعف عن طريق كسر الرابط الذي يربط الشريطين الملتصقين .ثم يقوم كل شريط بصنع شريط جديد مكمل له أي إن كل شريط ينشئ شريط أخر ليرتبط به.وفي هذه المرحلة نجد أن الخلية تحتوي على 4 أشرطة من دي إن أي ،كل شريطين ملتصقين مع بعضهما البعض.وهذا الوضع غير طبيعي لذلك تبداء الخلية في الانقسام فيذهب كل زوج من الأشرطة إلى طرف الخلية ثم يحدث قص للخلية من الوسط فينتج عن هذا خليتين متشابهتين وفي ك واحدة نسخة من الـ دي إن إي مطابقة تمامًا لما هو موجود في الخلية الأم وبنفس ترتيب القواعد النيتروجينية، ولو تمعنا جيدا لوجدنا أن كل شريطين عبارة عن شريط قديم من الخلية الأم، وشريط مماثل له تم نسخه أثناء عملية الانقسام.
ما هو المورث (الجين)؟
كما ذكرنا فالحمض النووي دي إن أي عبارة عم قطع من السكر والفسفور والقواعد النيتروجينية(النيكليوتيدات).إن هذه النيكليوتيدات مرتبة بشكل متقن .ويقسم هذا الشريط المتراص من النيكليوتيدات إلى أجزاء ووحدات تسمى بالمورثات (مفردها مورث) والتي تعرف بالغة الإنجليزية بالجينات.وكل مورث يحمل صفة معينة تعطي التعليمات المطلوبة لصناعة نوع معين من البروتينالبروتينات هي المواد الخام التي يصنع منها أنسجه الجسم ، وكذلك الإنزيمات المطلوبة لوظائف الجسم الحيوية والتفاعلات الكيمائية.كان يعتقد أن عدد المورثات الموجودة في كل خلية يتراوح بين 50 ألفًا إلى 100 ألف مورث،ولكن تبين للمختصين بعلم الوراثة أن مجموع المورثات في الخلية اقرب إلى 50 ألف بل إنها اقل من ذلك العدد ويعتقد أنها حوالي 30 ألف إلى 40 ألف مورث . لقد اتضح لنا أن الـ دي إن أي يتحكم في صفات الخلية ومن ثم الصفات البشرية عن طريق التحكم في تخليق البروتينات.
فكيف يتم هذا التحكم؟
لقد وجد أن كل الكائنات الحية تتكون من البروتينات، وأن الإنسان يمكن أن يخلق حوالي 30 ألف نوع مختلف من البروتينات، وهي عبارة عن جزيئات كبيرة ومعقدة ومكونة من سلسلة طويلة من القطع التي تسمى بالأحماض الأمينية.ويوجد20 نوع فقط من الأحماض الأمينية المختلفة في جميع المخلوقات الحية.واختلاف تتابع هذه الأحماض الأمينية هو الذي يكوِّن البروتينات المختلفة. لقد وجد أن كل الكائنات الحية تتكون من البروتينات، وأن الإنسان يمكن أن يخلق حوالي 30 ألف نوع مختلف من البروتينات، وهي عبارة عن جزيئات كبيرة ومعقدة ومكونة من سلسلة طويلة من القطع التي تسمى بالأحماض الأمينية.ويوجد20 نوع فقط من الأحماض الأمينية المختلفة في جميع المخلوقات الحية.واختلاف تتابع هذه الأحماض الأمينية هو الذي يكوِّن البروتينات المختلفة.وفي المورث (الجين) ترمز كل ثلاث قواعد نيتروجينية إلى حمض أميني معين، فمثالاً تتابع القواعد النيتروجينية الثلاثة (ادينين – الجوانين – الثيمين ) AGT يرمز إلى الحمض الأميني المسمى بالميثايونين،وهكذا بقية الأحماض الأمينية. وتنتقل التعليمات الخاصة بصنع البروتينات من المورثات عن طريق الحمض النووي أر إن أي (وهذا النوع الثاني من أنوع الأحماض النووية) messengerRNA .ويصنع الــ أر إن أي المراسل عن طريق نسخ جزء من الـ دي إن أي(أي الجزء المعروف بالمورث أو الجين) ، وتعرف هذه العملية بعملية النسخ أو Transcription.بعد هذه الخطوة ينتقل حمض الــ أر إن أي إلى خارج النواة،في جزء الخلية المسمى بالسيتوبلازم ، ويعمل كقالب لصنع البروتينات المطلوبة، ولقد أمكن فصل أر إن أي المراسل mRNA في المختبرات العلمية واستعمال كقالب لتكوين نسخة "مكملة" من الحمض دي إن أي .وتسمى هذه النسخة المكملة بالــ سي دي إن أي(أي مكمل الــ دي إن أي ) (complementaryDNA, cDNA). ثم ستخدم هذه النسخة من الـ سي دي إن أي للبحث واكتشاف المورثات الموجودة على طول شريط ال دي إن أي و تحديد مكانة في خريطة الكروموسومات.
ما هي الكروموسومات (الصبغات) ؟
الكروموسوم والذي يعرف بالغة العربية بالصبغة هو عبارة عن قطعة طويلة من شريط مزدوج من الـ دي إن أي والذي يجدل ويغزل بشكل متقن لتكون قطع مستطيلة الشكل تشبه العصي الصغيرة.ويجد في الخلية البشرية 46 قطعة أي كروموسوم.وكل تتشكل هذه الكروموسومات على شكل ازواج كل زوج عبارة عن كروموسومين متشابهين.إحدى هذين الزوجين أتى من الأب و النسخة الثانية من الأم.أي أننا نستطيع أن نقول أن نصف عدد الكروموسومات الـ 46 أتى من الأب والنصف الأخر من الأم.وكل زوج من هذه الأزواج المتطابقة يعطيه الأطباء رقما يميزه عن الآخر ابتداء برقم واحد لزوج الأول إلى الزوج الأخير رقم 23.الصورة في صفحة 7 تبين شكل الكروموسومات الـ 46 ( 23 زوج ) في الخلية الواحدة. ونظراً لتشابه هذه الكروموسومات يقوم أخصائي المختبر بصبغها بمادة كيمائية . هذه الصبغة تقوم بتلوين الكروموسومات وتجعلها مخططه أفقيا بالون الأبيض والأسود . كل خط ( ابيض أو أسود ) يسمى مقطع أو شريحة (BAND).الزوج الثالث والعشرين له خاصية مهمة من ناحية تحديد الجنس(الذكورة والأنوثة) لذلك يطلق عليه الأطباء الزوج الجنسي،وفي المقابل يطلق على بقية الأزواج من 1 إلى 22 الأزواج غير الجنسية وذلك تميزا لها .ولو قارنا الزوج الجنسي بين الرجال و والنساء( إي الذكور والإناث) لوجدنا فيه اختلاف.فالكروموسومين الجنسين-في الزوج الجنسي عند الإناث تقريبا متطابقين(إي متشابهين بدرجة عالية في الشكل والطول)وكل واحد منهما يرمز إليه بالحرف الإنجليزي X (اكس).بينما الكروموسومين في الزوج الجنسي لدى الذكور مخلفين فواحد منهما يرمز له بالحرف الإنجليزي اكس وهو يشبه كروموسوم اكس لدى الإناث .بينما الآخر مختلف فهو اقصر بكثير من كروموسوم اكس ويرمز إليه بالحرف الإنجليزي( Y ) وأي. وتحدث الأمراض الوراثية عن طريق تغيرات إما في الكروموسومات أو في الجينات وقليل من هذه الأمراض هو الذي يحدث فيه تغيرات شديدة في الكروموسومات يمكن اكتشافها بالميكروسكوب الضوئي (مثل فقد أو اكتساب كروموسوم أو كسر جزء منه أو انتقال جزء من كروموسوم إلى آخر) ولكن معظم الأمراض الوراثية تحدث نتيجة لتغير طفيف في الجينات و يعرف بالطفرة( Mutation)
بعد التعرف على المعلومات الأساسية المتعلقة بالجينوم البشري يبقى أن نتعرف على
مشروع الجينوم البشري
بدأ هذا المشروع في أكتوبر 1990 ميلادية، وخطط له أن ينتهي في عام 2003. ويهدف المشروع إلى اكتشاف جميع المورثات( جينات) البشرية (والتي قدر عددها في ذلك الوقت ب 80 ألفًا إلى 100 ألف).كما يهدف المشروع إلى اكتشاف وتحديد التتابع الكامل لكل الـ 3 بلايين زوج من القواعد النيتروجينية، ولقد سمى العلماء القرن الحادي والعشرين بالقرن الوراثي لما لهذا الاكتشاف من أهمية.لقد قرر العلماء أن يعملوا جاهدين على الحصول على خريطة تفصيلية دقيقة جدًّا لتتابع القواعد النيتروجينية وسمحوا فقط بحدوث خطاء في قاعدة واحدة لكل 10 آلاف قاعدة. و توقع العلماء أن رسم هذه الخريطة يساعد بشكل كبير لفهم بيولوجية الإنسان وأيضًا لاستخدامها في أشياء أخرى كثيرة. وقد طور العلماء أهدافهم المرحلية في وقت لاحق وأضافوا هدفًا جديدًا وهو التعرف على الاختلافات الفردية في الجينوم بين شخص وآخر، وقد اكتشفوا أنه رغم أن أكثر من 99% من الـ دي إن أي في الإنسان متشابهة في كل البشر فإن التغيرات الفردية قد تؤثر بشكل كبير على تقبل الفرد للمؤثرات البيئية الضارة مثل البكتريا والفيروسات والسموم والكيماويات والأدوية و العلاجات المختلفة.وطور العلماء العاملون في هذا المشروع وسائلهم لاكتشاف هذه الاختلافات.فوجدوا أن أكثر هذه الاختلافات شيوعًا هي ما يسمى بالاختلاف النووي الفردي والذي يرمز له بالـ إس إن بي( SNP )Single Nucleotide Polymorphisms .ويتكرر هذا الاختلاف مرة واحدة كل 100إلى 300 قاعدة نيتروجينية، ويعتقد العلماء أن رسم خريطة ستساعدهم على التعرف على الجينات المختصة بالأمراض المختلفة مثل السرطان والسكر وأمراض الأوعية الدموية والأمراض العقلية. وللتعرف على وظائف المورثات المختلفة للإنسان يقوم العلماء بمحاولة تحضير نسخ كاملة من الحمض النووي دي إن أي المكمل( cDNA )، وكذلك دراسة الطرق التي تتحكم بعمل المورث وكيفية عملة .كما يهتم المشروع بتأثير الطفرات المختلفة على عمل المورثات عن طريق استحداث الطفرات المختلفة التي تؤدي إلى فقد أو تغير الوظيفة على الحيوانات المختلفة داخل المعامل العلمية.كما يهتم المشروع بدراسة اوجه التشابه في تركيبة الـ دي أن أي بين في الأحياء المختلفة. وليتمكن العلماء من ذلك فقد قاموا برسم خرائط وراثية للبكتيريا المعروفة (كبكتيريا الـ إي كولي (E.coli) والفطر المعروف بـالـ سركوميسس سي (saccharomyces cerecisaie) وذبابة الفاكهة ) Drosophilae Melanogaster (و الطفيل المعروف بـ كنورابيدس إي (caenorhabditis elegans) ويحاولون الآن تحضير الخريطة الكاملة لفأر التجارب، وبهذه الدراسات المقارنة يمكن للعلماء أن يصلوا إلى معلومات هامة عن تطور الخلق والعمليات الحيوية الكيمائية والوراثة والوظائف الفسيولوجية
رأي الدين
رحب فقهاء وعلماء شرعيون بفتوى الدكتور علي جمعة مفتي مصر بأنه لا مانع من الاستعانة بتحليل البصمة الوراثية الـ" dna" لإثبات نسب الابن داخل إطار الزوجية، غير أنهم اختلفوا بخصوص اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية في إثبات نسب ابن الزنا بين مؤيد للفتوى الرافضة لذلك وغير مؤيد لها.
وفي تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت" الثلاثاء 14-3-2006 أكد الشيخ عمر الديب وكيل الأزهر اتفاقه مع الفتوى القاضية بإلزام الأب بإجراء تحليل الحامض النووي إذا ما أنكر نسب طفل تقول زوجته بأنه ابنه، واصفا تلك الفتوى بأنها "تدرأ كثيرا من القضايا التي يضيع بسببها العديد من الأبناء".
غير أنه استدرك قائلاً: "يجوز اللجوء لتحليل الـ dna في حالة التنازع على نسب الطفل من عقد زواج، لكن لا يجوز اللجوء إليه في حالة الزنا لإثبات نسب الابن؛ لأن الشرع يقضي بعدم نسب ولد الزنا إلى أبيه".
وجاءت فتوى الدكتور علي جمعة بناءً على عدد من الطلبات الواردة من البرلمان المصري، والخاصة بتعديل وإضافة عدد من المواد إلى قانون الأسرة، والتي تفيد في مجملها بضرورة إلزام الزوج بإجراء تحليل البصمة الوراثية "dna" في حالة إنكاره نسب الابن، وذلك بناءً على طلب من الأم المدعية، وفي حالة رفضه الخضوع للتحليل يعتبر ذالك قرينة على ثبوت نسب الابن له.
ونصت الفتوى على أنه "لا مانع شرعاً من إلزام المنكر سواء أكان الرجل أم المرأة أم طرفا آخر كالولي مثلا بإجراء تحليل (dna) عندما يدعي أحدهما أو كلاهما قيام علاقة زوجية بينهما في ذاتها بشهود أو توثيق أو نحوهما، وكذلك الحال في حدوث وطء بشبهة أو عقد فاسد بينهما؛ وهذا لإثبات نسب طفل يدعي أحدهما أو كلاهما أنه ولد منهما، وفي حالة رفض المدعي عليه إجراء التحليل المذكور يعد الرفض قرينة قوية على ثبوت نسب هذا الطفل له، وإن لم نلتفت إلى بقاء الزوجية ذاتها والآثار المترتبة عليها فإن إثبات النسب لا يعني استمرار قيام الزوجية".
"حفظ الأنساب"
من جانبه شدد الشيخ محمد الجزار الأمين العام الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر على أهمية الاستعانة بتحليل البصمة الوراثية في إثبات نسب الأبناء.
ورأى أن اللجوء لتحليل البصمة الوراثية يتفق مع الشرع الذي يأمر بحفظ الأنساب، ويحث دائما على الأخذ بالوسائل التي تؤكد الصلة بين الابن وأبيه، وتنزع الشك في نسبه.
وأوضح: "ما دام قائما (التحليل) على جانب طبي علمي دقيق، ويقوم به أناس أمناء، فهذا لا يتعارض مع الدين، فالمهم في هذه المسألة هي الدقة الفائقة وعدم وقوع أي خطأ".
ورفض الشيخ الجزار دعوة البعض إلى استخدام البصمة الوراثية لإثبات نسب ابن الزنا، قائلاً: "لا ينبغي اللجوء إلى أي وسيلة لإثبات نسب هذا الابن لأنه مهدر الماء".
"يجوز لابن الزنا"
د. محمد رأفت عثمان
وخلافاً لموقف الشيخين الديب والجزار، قال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع فقهاء الشريعة الإسلامية بالولايات المتحدة، بجواز اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية "في إثبات نسب الابن لأب زنا من امرأة غير متزوجة؛ لأن في ذلك إنقاذا للابن من العار الذي يلحقه طيلة حياته، كما أن هناك علماء، ومنهم ابن تيمية وابن القيم، قالوا "بجواز نسب ولد الزنا إلى الزاني إذا كانت المرأة غير متزوجة".
وأوضح أن استخدام تحليل البصمة الوراثية لإثبات نسب الابن سواء داخل إطار الزوجية أو خارجها جائز شرعا، مستنداً إلى أن "الاختبار الوراثي يعطي نتيجة تقترب إلى اليقين في نسب الأبناء وإقرار حقوقهم".
غير أن د.عثمان اشترط ضرورة "أن يحتاط في عملية إجراء الاختبارات الوراثية، فتقوم به أكثر من جهة دون علم بالقضية وأطرافها".
وكان عدد من الفقهاء والعلماء الشرعيين رفضوا في وقت سابق الأخذ بتحليل البصمة الوراثية الـ"dna" بدلا من "اللعان" لإثبات جريمة الزنا أو نفيها عن الزوجة لدى اتهام الزوج لها وعدم اعترافه بالابن، مؤكدين أن اللعان هو مبدأ إسلامي ثابت لا يمكن إلغاؤه أو الاستعاضة عنه بأي أمر من الأمور حتى وإن ثبتت صحة نتائجها العلمية.
وجاء هذا الرفض في أعقاب ما طالب به مؤخرا الدكتور عبد المعطي بيومي، عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، بضرورة أن يتضمن تعديل قانون الأسرة المصري الأخذ بالتحليل الوراثي الـ"dna" بشكل أساسي في إثبات نسب الأبناء ونفي تهمة الزنا أو إثباتها على الزوجة، "خاصة أن اللعان أصبح لا يجدي في زمن فسدت فيه كثير من الذمم وضعف فيه الوازع الديني"، على حد تعبيره.
واللعان يتمثل في شهادات تجري بين الزوجين مؤكدة بالأيمان مقرونة باللعن من جانب الزوج وبالغضب من جانب الزوجة. ولا يحلف الزوجان أيمان اللعان إلا أمام القاضي، وقد شرع لدرء الحد عن الزوج إذا قذف زوجته بلا شهود أو أراد قطع نسب الحمل أو الطفل المولود عنه، وهو أيضا حماية وصيانة لعرض الزوجة.
رأي اخر
اثبات النسب عن طريق تحليل البصمة الوراثية او الحمض النووي dna وسيلة حديثة ومسألة معاصرة، لا تزال تدور بين الفقهاء بين اخذ ورد، وموافقة ومخالفة، ذلك انها كما يقول الخبراء والمختصون غير دقيقة مائة في المائة، وهذا يجعلها في دائرة الادلة 'ظنية الدلالة' وليس 'قطعية الدلالة' بسبب ما يحدث اثناء التحليل من اخطاء بشرية او مخبرية، وحدوث اي تلوث تتعرض له العينة يؤثر في دقة النتائج، فاحتمال الخطأ وارد.
ثم ان النسب لا يثبت الا اذا كان هناك زواج شرعي، يقول عليه السلام 'الولد للفراش وللعاهر الحجر' وماء الزنى هدر لا يلحق به النسب.
فما حكم الاعتماد على نتائج فحص البصمة الوراثية والجينات في اثبات النسب او نفيه؟ وهل تعتبر هذه الطرق والاساليب الحديثة قطعية بهذا الشأن وحاسمة لهذه المسألة؟ سؤالان بهذا الخصوص قدما الى لجنة الفتوى بوزارة الاوقاف، لمعرفة الحكم الشرعي، ومدى جواز استخدام هذه الاجهزة في موضوع النسب، حيث اكدت اللجنة على ان فحص الجينات يعتبر دليلا في نفي النسب، وليس في ثبوته، وفيما يلي نص السؤالين، واجابة اللجنة عنهما:
السؤال الاول بشأن استحداث الوسائل العلمية للاستدلال على ما يثبت النسب في طلبات الحصول على الجنسية الكويتية، ومن بينها الجينات الوراثية d.n.a.
ونظرا لما يتصل بهذا الامر من جوانب شرعية، يرجى التفضل بالافادة بوجهة النظر الشرعية حول مبدأ الاخذ بنتائج هذا الاختبار والاعتداد بها في اثبات النسب او نفيه تحقيقا للمصلحة الوطنية العليا وبما يكفل المحافظة على الهوية الوطنية للبلاد.
والسؤال الثاني يقول: ان من اعمال لجنة دعاوى النسب وتصحيح الاسماء النظر في طلبات اثبات النسب التي يتقدم بها اصحاب الشأن لإثبات نسب الابناء مدعين اهمالهم في القيام بإثباتهم لدى الجهات الحكومية ومنها ادارة الجنسية ووزارة الصحة، وقد كشف العمل عن وجود ادعاءات كاذبة لهذا النسب والهدف من ورائه تحقيق مطامع شخصية تضر بمصلحة الدولة وسيادتها.
لذلك رأت اللجنة الاستعانة بإحدى الوسائل العلمية المتوفرة لدى الادارة العامة للأدلة الجنائىة وهي جهاز d.n.a للكشف عن البصمة الوراثية لبيان مدى صحة ادعاءات اثبات النسب التي تعرض على اللجنة. لذلك يرجى التفضل ببيان وجهة نظر الشرع حول الاخذ بتلك الاجهزة العلمية. علما بأنه لدى الاستفسار من اهل الخبرة بنتائج هذا الجهاز تمت افادتنا بأنها ادلة قاطعة بنفي النسب وليس بإثباته.
وقد اجاب اللجنة عن السؤالين بالقول:
التشريع الاسلامي يتشوف الى اثبات نسب الولد من ابيه، ويتوسع في هذا الاثبات ويتسامح فيه، بحيث انه يقبل الشهادة فيه على التسامع، ولا يطلب دليلا عليه عند الاقرار ما دام واقع الحال لا ينافيه، وذلك لما فيه من احياء للنفس، لأن مغمور النسب في حكم الميت في عرف المجتمع الاسلامي الا ان الشارع الاسلامي حرص حرصا شديدا على نظافة النسب ونقائه وصدقه، وحذر من التلاعب والتزوير فيه، وتوعد المتلاعبين بالنسب بأشد العذاب.
فقد اخرج البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 'من ادعى الى غير ابيه وهو يعلم انه غير ابيه فالجنة عليه حرام'.
كما اخرج البخاري ومسلم ايضا عن ابي ذر رضي الله تعالى عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 'ليس من رجل ادعى بغير ابيه وهو يعلم الا كفر'.
كما حذر وتوعد من التملص من النسب بغير حق.
فقد اخرج احمد والطبراني عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده رضي الله تعالى عنه قال: 'قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرئ تبرؤ من نسب وان دق، وادعاء نسب لا يعرف'.
واخرج ابو داود والنسائي وابن حبان عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة: ايما امرأة ادخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها جنته، وايما رجل جحد ولده وهو ينظر اليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الاولين والآخرين'.
وقد وضع التشريع الاسلامي لإثبات النسب ونفيه شروطا اذا طبقت تطبيقا صحيحا فإنها تكون كافية لإثبات كل نسب صحيح، ومنع كل نسب مزور، وما نسمعه ونشاهده من تدليس في اثبات النسب في بعض الحالات ما هو الا نتجية للتسامح او التغاضي عن استكمال الطرق الشرعية والشروط الشرعية لإثبات النسب او نفيه.
وان من شروط ثبوت النسب من الاب شرعا ان لا يحول دون صحته مانع عقلي، فإذا كان النسب مستحيلا عقلا بين اثنين لم يثبت مهما توافر له من الادلة الاخرى.
وقد نص الفقهاء تطبيقا لذلك على ان الرجل اذا ادعى نسب آخر وقال هو ابني وكان هذا الآخر اكبر منه او مثله في السن لم تقبل دعواه ولم يثبت نسبه منه لاستحالة صحته عقلا، مهما توافر لهذه الدعوى من الادلة.
وعلى ذلك فإن هيئة الفتوى ترى ان فحص الجينات بين مدعي النسب والمقر بذلك اذا كان سلبيا، وثبت ان فحص الجينات قطعي في دلالته على صحة نتيجته بإقرار المسلمين العدول المختصين في هذا الفن من غير خلاف واحد فهيم، فإنه يعد مانعا من ثبوت النسب شرعا، اما اذا كان ظني الدلالة على صحة نتيجته او كان فيه خلاف بين المختصين، فلا يجوز اعتماده في النسب.
هذا في منع النسب، اما في ثبوت النسب فلا يجوز الاعتماد على فحص الجينات اصلا سواء اكانت نتيجته قطعية ام ظنية. والله اعلم
منقول من عدة مصادر لاهميته وعلاقته بالانساب