الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فوائد من حياة سفيان الثوري (1)
قصة:
قال ابن مهدي: قال سفيان: طُلبت في أيام المهدي فهربت فأتيت اليمن فكنت أنزل في حي حي، وآوي إلى مسجدهم فسرق في ذلك الحي فاتهموني فأتوا بي معن بن زائدة وكان قد كتب إليه في طلبي. فقيل للأمير: إن هذا قد سرق منا.
فقال: لمَ سرقت متاعهم؟ فقلت ما سرقتُ شيئاً. فقال لهم: تنحوا لأسأله. ثم أقبل عليَّ فقال ما اسمك؟ فقلت عبد الله بن عبد الرحمن، قال: يا عبد الله بن عبد الرحمن نشدتك بالله لما انتسبت لي نسبَك؟
قلت: أنا سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري.
قال: أنت بغية أمير المؤمنين؟ قلت: أجل؛ فأطرق ساعةً.
قال: ما شئت فأقم وارحل متى شئت، فوالله لو كنت تحت قدمي ما رفعتها.
وقال الزبيري: كنت في مسجد الخيف مع سفيان الثوري والمنادي ينادي: من جاء بسفيان فله عشر آلاف.
ومرة ينادي منادي هارون: من دلنا على سفيان فله ألف درهم. اهـ[1].
الفائدة الأولى:
عن يحيى بن اليمان تسمعت إلى الثوري وهو يقول: سترك الجميل الذي لم يزل، سترك الجميل الذي لم يزل.
وكان معه رقعة مكتوب فيها: سفيان الثوري اذكر وقوفك بين يدي الله - عز وجل -.
وكان يقول: ما عالجت شيئاً قط أشد علي من نفسي، مرة علي ومرة لي.
الفائدة الثانية:
كتب رجل من إخوان سفيان: عظني فأوجز.
فكتب إليه: عافانا الله وإياك من السوء يا أخي إن الدنيا غمها لا يفنى وفرحها لا يدوم وفكرها لا ينقضي. فاعمل لنفسك حتى تنجو ولا تتوانى فتعطب... والسلام.
الفائدة الثالثة:
قيل لسفيان: أي شئ شر؟ قال: الله غفراً، العلماء إذا فسدوا.
وقال رحمه الله: لقد أنعم الله على عبدٍ في حاجة أكثر تضرعه إليه فيها.
الفائدة الرابعة:
عن سفيان الثوري في قوله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَستَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [لأعراف: 182]، قال: نسبغ عليهم النعم ونمنعهم الشكر. اهـ [2].
عن عثمان بن زائدة: قال كتب إلي سفيان: إن أردت أن يصح جسمك ويقل نومك فأقلل من الأكل.
وكان يقول: من أحب أفخاذ النساء لم يفلح.
وقال: يأتي على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم.
المصدر: مجمع الفوائد
[1] حلية الأولياء ج7 ص4.
[2] حلية الأولياء ج7 ص7.