صفة مفاصله وركبتيه:
كان صلى الله عليه و سلم ضخم الأعضاء كالركبتين والمِرفَقين و المنكبين والأصابع، وكل ذلك من دلائِل قوَّته عليه الصلاة والسلام.
صفة ساقيه :
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: *... وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إلى بيض ساقيه*، أخرجه البخاري في صحيحه.
صفة قدميه:
قال
هند بن أبي هالة رضي الله عنه: *كان النبي صلى الله عليه وسلم خمصان
الأخمصين مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء ششن الكفين والقدمين*. قوله:
خمصان الأخمصين: الأخمص من القدم ما بين صدرها وعقبها، وهو الذي لا يلتصق
بالأرض من القدمين، يريد أن ذلك منه مرتفع. مسيح القدمين: يريد أنهما
ملساوان ليس في ظهورهما تكسر لذا قال ينبو عنهما الماء يعني أنه لا ثبات
للماء عليها وسشن الكفين والقدمين أي غليظ الأصابع والراحة رواه الترمذي في
الشمائل والطبراني.
وكان صلى الله عليه و سلم أشبَهَ النَّاس
بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانت قدماه الشَّريفتان تُشبهان قدمي سيدنا
إبراهيم عليه السلام كما هي آثارها في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام.
صفة عَقِبيه:
كان الرسول صلى الله عليه و سلم مَنهوس العَقِبَين أي لحمهما قليل.
صفة قامته و طوله:
عن
أنس رضي الله عنه قال: * كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رَبعَة من
القَوم* (أي مربوع القامة)، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وكان إلى
الطول أقرب. وقد ورد عند البَيهَقي وابن عساكر أنه صلى الله عليه وسلم لم
يكن يُماشي أحداً من الناس إلا طاله، و لرُبَّما اكتنفه الرجُلان الطويلان
فيطولهما فإذا فارقاه نُسِبَ إلى الرَّبعة، وكان إذا جلس يكون كتفه أعلى من
الجالس. وبالجملة كان صلى الله عليه وسلم حسن الجسم، معتدل الخَلق ومتناسب
الأعضاء.
صفة عَرَقِه:
عن أنس رضي الله عنه قال: *كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم أزهر اللون كأنَّ عَرَقه اللؤلؤ * (أي كان
صافياً أبيضاً مثل اللؤلؤ ) ... وقال أيضاً: *ما شَمَمتُ عنبراً قط و لا
مسكاً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم*، أخرجه البخاري ومسلم
واللفظ له. وعن أنس أيضاً قال: * دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فَقَال (أي نام) عندنا، فعرِقَ وجاءت أمي بقارورة فجعلت تَسلُتُ العَرَق،
فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سُلَيم ما هذا الذي تصنعين؟
قالت: عَرَق نجعله في طيبنا وهو أطيَب الطيب*، رواه مسلم، وفيه دليل أن
الصحابة كانوا يتبرَّكون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقرَّ الرسول
عليه الصلاة والسلام أم سُليم على ذلك.
وكان صلى الله عليه وسلم
إذا صافحه الرجل وجد ريحه (أي تبقى رائحة النبي عليه الصلاة والسلام على يد
الرجل الذي صافحه)، وإذا وضع يده على رأس صبي، فيظل يومه يُعرَف من بين
الصبيان بريحه على رأسه.
ما جاء في اعتدال خَلقِه صلى الله عليه وسلم:
قال
هند بن أبي هالة رضي الله عنه: *كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدل
الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر*، أخرجه الطبراني والترمذي في
الشمائل والبغوي في شرح السنة وابن سعد وغيرهم.
قال البراء بن عازب رضي الله عنه: *كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خَلقاً*، أخرجه البخاري ومسلم.
الرسول المبارك صلى الله عليه و سلم بِوَصفٍ شامل:
يُروى
أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ومولاه ودليلهما،
خرجوا من مكة ومَرّوا على خيمة امرأة عجوز تُسمَّى (أم مَعْبد)، كانت تجلس
قرب الخيمة تسقي وتُطعِم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا
عندها شيئاً. نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة،
وكان قد نَفِدَ زادهم وجاعوا.
سأل النبي عليه الصلاة والسلام أم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
فأجابت أم معبد: شاة خلَّفها الجهد والضعف عن الغنم.
قال الرسول صلى الله عليه و سلم: هل بها من لبن؟.
ردت أم معبد: بأبي أنت وأمي ، إن رأيتَ بها حلباً فاحلبها!.
فدعا
النبي عليه الصلاة و السلام الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمَّى الله جلَّ
ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رِجليها، ودَرَّت. فدعا
بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، و سقى أصحابه حتى
رَوُوا (أي شبعوا)، ثم شرب آخرهم، ثم حلبَ في الإناء مرة ثانية حتى ملأ
الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها ... وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو
معبد) يسوق أعنُزاً يتمايلن من الضعف، فرأى اللبن!!.
قال لزوجته: من أين لكِ هذا اللبن يا أم معبد و الشاة عازب (أي الغنم) ولا حلوب في البيت؟!!.
أجابته: لا والله، إنه مَرَّ بنا رجل مُبارَك من حالِه كذا وكذا.
فقال لها أبو مـعبد: صِفيه لي يا أم مـعبد !!.
أم معبد تَصِفُ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رأيت
رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلَجَ الوجهِ (أي مُشرِقَ الوجه)،لم تَعِبه نُحلَة
(أي نُحول الجسم) ولم تُزرِ به صُقلَة (أنه ليس بِناحِلٍ ولا سمين)، وسيمٌ
قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دَعَج (أي سواد)، وفي أشفاره وَطَف (طويل شعر
العين)، وفي صوته صحَل (بحَّة و حُسن)، و في عنقه سَطع (طول)، وفي لحيته
كثاثة (كثرة شعر)، أزَجُّ أقرَن (حاجباه طويلان و مقوَّسان و مُتَّصِلان)،
إن صَمَتَ فعليه الوقار، و إن تَكلم سما و علاهُ البهاء، أجمل الناس و
أبهاهم من بعيد، وأجلاهم و أحسنهم من قريب، حلوُ المنطق، فصل لا تذْر ولا
هذَر (كلامه بَيِّن وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأنَّ منطقه خرزات نظم
يتحَدَّرن، رَبعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا
تقتَحِمُه عين من قِصر، غُصن بين غصين، فهو أنضَرُ الثلاثة منظراً، وأحسنهم
قَدراً، له رُفَقاء يَحُفون به، إن قال أنصَتوا لقوله، وإن أمَرَ تبادروا
لأمره، محشود محفود (أي عنده جماعة من أصحابه يطيعونه)، لا عابس ولا
مُفَنَّد (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخُرافة).
قال أبو
معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذُكِرَ لنا من أمره ما ذُكِر بمكة، و لقد
همَمتُ أن أصحبه، ولأفعَلَنَّ إن وَجدتُ إلى ذلك سبيلا.
و أصبح صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، و لا يدرون من صاحبه و هو يقول :
جزى الله رب الناس خيرَ جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى و اهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد
حديث حسن قوي أخرجه الحاكم و صححه ، ووافقه الذهبي.
-
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: * رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ليلة إضحيان، وعليه حُلَّة حمراء، فجعلتُ أنظر إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسنُ من القمر*. (إضحِيان هي الليلة
المقمرة من أولها إلى آخرها).
- وما أحسن ما قيل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم:
*وأبيض يُستَسقى الغمام بوجهه ثِمال اليتامى عِصمة للأرامل*
(ثِمال: مُطعِم ، عصمة: مانع من ظُلمهم).
ما جاء في حُسن النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد
وُصِفَ بأنه كان مشرباً حمرة وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب
منه حُمرة ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما
تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر ...
يعرف
رضاه وغضبه وسروره في وجهه وكان لا يغضب إلا لله، كان إذا رضى أو سُرّ
استنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه.
عن
عائشة رضي الله عنها قالت: * استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنت أخيط بها
ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله
صلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة لشعاع وجهه ... *، أخرجه ابن عساكر
والأصبهاني في الدلائل والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير
للسيوطي.
و في ختام هذا العرض لبعض صفات الرسول الكريم صلى الله
عليه وسلم الخَلقية التي هي أكثر من أن يحيط بها كتاب لا بد من الإشارة إلى
أن تمام الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الإيمان بأن الله سبحانه
وتعالى خلق بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لم يظهر لآدمي مثله.
ويرحم الله القائل:
فهو الذي تم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً باريء النسم
فتنزه عن شريك في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم
وقيل في شأنه صلى الله عليه وسلم أيضاً:
بلغ العلى بكمـــالـه كشف الدجى بجماله
حسنت جميع خصالـــه صـلـوا عليـه وآلـه
ورحم الله ابن الفارض حيث قال:
وعلى تفنن واصف يفنى الزمان وفيه ما لم يُوصَفِ
مسألة:
من المعلوم أن النسوة قطعت أيديهم لما رأين يوسف عليه السلام إذ إنه عليه
السلام أوتيَ شطر الحسن، فلماذا لم يحصل مثل هذا الأمر مع النبي صلى الله
عليه وسلم؟ هل يا ترى سبب ذلك أن يوسف عليه السلام كان يفوق الرسول عليه
الصلاة والسلام حُسناً وجمالاً؟
الجواب: صحيح أن يوسف عليه السلام
أوتي شطر الحُسن ولكنه مع ذلك ما فاق جماله جمال وحُسن النبي صلى الله عليه
وسلم. فلقد نال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صفات كمال البشر جميعاً
خَلقاً وخُلُقاً، فهو أجمل الناس وأكرمهم وأشجعهم على الإطلاق وأذكاهم
وأحلمهم وأعلمهم… إلخ هذا من جهة، ومن جهة أخرى وكما مر معنا سابقاً أن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلوه الوقار والهيبة من عظمة النور الذي
كلَّله الله تعالى به، فكان الصحابة إذا جلسوا مع النبي صلى الله عليه وسلم
كأن على رؤوسهم الطير من الهيبة والإجلال فالطير تقف على الشيء الثابت
الذي لا يتحرك.
وما كان كبار الصحابة يستطيعون أن ينظروا في وجهه
ويصفوه لنا لشدة الهيبة والإجلال الذي كان يملأ قلوبهم وإنما وصفه لنا صغار
الصحابة، ولهذا السبب لم يحصل ما حصل مع يوسف عليه السلام.