قصة الشيخ عايد بن مصبّح العازمي وصالح بن حريص الفقيري العنزي
كان الشيخ عايد بن مصبّح يقطن البر سعيا وراء حلاله كعادة اهل الباديه بذلك الوقت ومن حوله جماعته, وعايد هو عايد بن مصبّح بن سعيد بن سليمان المصبّح شيخ فحذ العطاونه من العوازم بشمال السعوديه بالقريات وقرية جماجم وقد عرف عنه الكرم والنخوه والفزعه وحبه لقبيلته وقريته حيث دفن فيها رحمه الله وكان حسن الأخلاق عفيف النفس وقد قيل فيه الأشعار فهانحن نجد ضيفا من بني صخر يمرعلى الطريق ولم يجد من يكرمه حيث مر علىاناسا ولم يقوموا بواجبه ويحل ضيفا على عايد بن مصبح ويقوم بواجبه مما دعاه ان يقول شعرا بحسن الضيافه التي وجدها من عايد وهو الشاعر لافي الحلبا الصخري حيث قال
عصيان طرفا ماهم لوز***يفدون عايد بالجوز ***نازل راس النباه
اي انه لايتخفى عن ضيوفه فمن كرمه انه ينزل المكان المرتفع ليقصده الضيوف وغيرهم وهو من عائلة المصبح (وتقرأ بتشديد الباء) فقد قال فيهم الشاعرالمعروف /صالح لويفي البرقان من قبيلة الشرارات في قصيد وجهها للشيخ / مزكّي بن عايد بن مصبّح
المصبّح من اكبارالموتمر *** الى عقدة جلسة بين الذهان
من شيوخ الباديه ماهم ممر*** فعلهم بيه الفخر قبل وذوان
والقصة أنه جاء صالح بن حريص الفقيري العنزي من أهل تيماء الى وادي السرحان بشمال المملكه العربية السعوديه يبحث عن جمل له ضائع فوجد الجمل عند شخص من البادية في الوادي وكان ايام الشتاء القارصه فطلب صالح العنزي جمله من هذا الشخص ولكن هذا الشخص قال لقد حفظته لك وتعبت عليه واريد مقابل لحفظي جملك قال صالح ماذا تريد مقابل ذلك قال الشخص اريد ريالين فضيه ولم يكن بيد صالح هذا المبلغ فقال له صالح لايوجد لدي ماتطلبه ولا اجد الا الزبون الذي ارتديه ( وهو معطف يقيه البرد) فقال الشخص اعطني زبونك فرمى صالح عليه الزبون وأخذه الشخص ورد لصالح جمله ولم يراعي ظروفه وشدة البرد وانه غريب عن المنطقه وكان الشيخ /عايد بن مصبّح ينزل بعيد عن مكان الحدث ومع غروب الشمس جاء صالح على جمله وأناخه عن طريق الصدفه امام بيت عايد ليحل ضيفا عليه واستقبله عايد ولاحظ انه ليس من هذه المنطقه وانه بعيد خطوه ولا يرتدي مايقيه من البرد القارص الا ثوبه فقربه عايد من النار وزاد اشعالها ولم يسأله عايد الا بعد ان تناول القهوه وواجبه وبعد ان ارتاح الضيف سأله عايد عن وضعه وحاجته فقص صالح قصته على عايد ولكنه لم يخبره عن اخذه لزبونه فقال عايد كيف تأتي بهذا الوقت ولا يوجد عليك مايحميك من البرد فقال صالح كنت ارتدي زبونا وأخذه الرجل مقابل حفظه لجملي لانه طلب مني ريالين فضّة ولم تكن معي وأخذها مقابل الريالين فتأثر عايد مما سمعه وغضب وقال نصبح على خيرإن شاء الله ونرى وضعك غدا بالصباح . وفي الصباح بعد تناول القهوه ذهب عايد وصالح لمكان الشخص وعندما وصلومكانه قال عايد للرجل : يارجل هذا ضيفي وضيف علينا جميعا ولا يجوزسلبك ملابسه فأعطه زبونه ولك مني ريالين عند بيع الحلال وكان البدو لهم موسم يجلبون حلالهم للبيع ولكن الشخص رفض فقال له عايد والله لايوجد معي الآن فلوس وليس لدي الا هذه الباروده وذخيرتها فخذ مشطين( والمشط خمس طلقات ) ومعلوم مدى اهمية السلاح بذلك الوقت وحب البدوي لسلاحه ولا يفرط به مهما كلف ذلك فوافق الرجل واخذ مشطين ورد لصالح زبونه عندها قال صالح ياعايد اعتبرالريالين امانه عندي فقال عايد انا لم افعل ذلك ابتغاء الطمع والتجاره فهذا واجب على كل رجل شريف ولكن صالح اصروقال والله انها امانه عندي وأنا صالح الحريص الفقيري العنزي من اهالي تيماء ( وتيماء هي التي توجد بها عين هداج المشهوره بغزارة مياهها ) وذهب صالح لأهله وبعد مايقارب عشر سنوات جاء صالح الفقيري لشمال السعوديه قاصدا عايد بن مصبّح وسأل عنه حتى وجده بقرية( جماجم )وقال ياعايدامانتك اصبحت تسع نعجات نجديات وقعود (اي جمل صغير) فقال له عايد: ياصالح هي لك ولكن صالح اصر وقال هي امانتك فقال عايد امانه وعند اهلها ياصالح انا لاأستطيع ان آتيك لاخذها الآن وبعد مرور عشرات السنين وبعد ان توفي الشيخ /عايد بن مصبّح بقرية جماجم عام 1397هـ تقريبا جاء صالح لقرية جماجم وقد ظهر عليه الكبر الى بيت عايد بن مصبح ووجد ابنه الشيخ /محمد بن عايد رحمه الله فاستقبله وأكرمه فسأل صالح عن عايد وقال له محمد انه توفي من زمن فتغير وجه صالح وبانت عليه علامات الحزن وأنصت كثيرا ثم قال صالح يامحمد والدكم لم يحكي لكم ان له امانه عند احد من الناس فقال محمد لاأذكر ذلك فقص عليه قصته وقال انا صالح الحريص العنزي فتذكر محمد القصه حيث انه كان ملازمه بذلك الوقت فقال نعم تذكرت انت صالح حياك الله عند اهلك فقال صالح يامحمد لابد اني يوما الحق بوالدكم رحمه الله وأنا جئت لأبري ذمتي فالأمانه صارت حلال كثير ولكن مرت علينا سنين قحط ومحل ومات من حلالنا وحلالكم الكثير ولم يبقى الا القليل وبعته وهذه قيمة حلالكم فاخرج من جيبه مبلغ وقدره تسعة عشر الف وخمسمائه ريال سعودي وقدكان مبلغ بذلك الوقت كبيرا خذها يامحمد فقال محمد وصلت ياصالح ولكن خذها لك فنحن لسنا بحاجتها ولكن صالح اقسم على محمد وأصر ان يأخذها محمد فقال له محمد اذا نقتسمها بيننا وجزاك الله خير الجزاء على صدقك وأمانتك ووفائك .