بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين , و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين ,حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , و من اقتفى أثره إلى يوم الدين , و بعد:
خير ما أبدأ به قول الله جل في علاه : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) خلقنا الله و أمرنا بعبادة و طاعته , و بين لنا أهل العلم أن عبادة الإنسان لا تقبل إلا بتحقق شرطين أساسيان :
الأول : إخلاص النية لله تعالى : وهو أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى دون غيره .
الثاني : موافقة الشرع الذي أمر الله تعالى أن لا يعبد إلا به ، وذلك يكون بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به ، وترك مخالفته ، وعدم إحداث عبادة جديدة أو هيئة جديدة في العبادة لم تثبت عنه عليه الصلاة والسلام .
وبناء على هذان الشرطان العظيمان نستطيع توضيح حكم قول (صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ) في نهاية تلاوة القرآن الكريم , فـ (صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ) هي ثناء على الله عز وجل بوصفه سبحانه وتعالى بالصدق والثناء على الله بالصدق عبادة والعبادة لا يمكن أن يتقرب الإنسان بها إلا إذا كانت موافقة للشرع و بوجود دليل شرعي .
بالنظر للقرآن الكريم لا نجد دليل شرعي يفيد وجوب أو حتى استحباب قول (صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ )في نهاية تلاوة القرآن الكريم , ولكن نجد أن البعض استند إلى قوله تعالى : (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ) , فنقول إن الله تعالى قال : (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ) ونحن نقول صدق الله لكن هل قال الله تعالى قل عند انتهاء قراءتك قل صدق الله ؟الجواب لا , و لكن لو فرضنا أن شيئاً وقع مما أخبر الله به ورسوله فقلنا صدق الله واستشهدنا بآيةٍ من القرآن هذا لا بأس به لأن هذا من باب التصديق لكلام الله عز وجل , كما لو رأينا شخصاً منشغلاً بأولاده عن طاعة ربه فقلنا صدق الله (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) وما أشبه ذلك مما يستشهد به فهذا لا بأس به .
و بالنظر إلى أحاديث النبي (صلى الله عليه وسلم ) لا نجد كذلك أي دليل شرعي يفيد وجوب أو حتى استحباب قول (صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ )في نهاية تلاوة القرآن الكريم , بالعكس فإن الأحاديث النبوية الشريفة تدل أنها ليست من قول النبي (صلى الله عليه وسلم ) و أنه لم يامر أصحابه بقولها بعد الأنتهاء من تلاوة القرآن الكريم ومن هذه الأحاديث : لما قرأ ابن مسعود على النبي صلى الله عليه وسلم أول سورة النساء حتى بلغ قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا[2] قال له النبي ((حسبك)) , قال ابن مسعود :فالتفت إليه فإذ عيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام فالشهاد بهذا الحديث أنه لم يقل له قل (صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ) و لم يرد في الأحاديث النبوية أن النبي عليه أفضل الصلاة و السلام قد قالها أو أنه أمر بها .
حكم قول (صَدَقَ اللَّهُ الْعَظِيمُ ) هو قول محدث ليس له أصل في الشرع , و قد حذرنا النبي (صلى الله عليه وسلم ) من الأمور المحدثة فقال : (وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) , فالمشروع تركها تأسياً بالنبي (صلى الله عليه وسلم )وأصحابه رضي الله عنهم، أما إذا فعلها الإنسان بعض الأحيان من غير قصد فلا يضر. فإن الله صادق في كل شيء سبحانه وتعالى , لكن اعتياد ذلك بعد كل قراءة كما يفعله كثير من الناس اليوم ليس له أصل .
هذا و ما أصبت فمن الله و ما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان
أسأل الله أن يوفقنا لكل ما يحبه و يرضاه .
المصادر :
موقع فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله
موقع الإسلام سؤال وجواب