الاختلاف بين المذاهب رحمة من الله بعباده
حكمة الاختلاف :
وهذا الاختلاف، بين المذاهب رحمة من الله بعباده؛ لأن المسلمين يعيشون في بقاع شتَّى من الأرض، ويَحيوْنَ في بيئات متعددة ومختلفة، فقد يصلح مذهب هذا الإمام لهذه البيئة، ولكن قول الإمام الحنفي يصلح لبيئة ثانية وهكذا. ومن هنا نفهم أنه ليس من الضروري توحيد هذه المذاهب. وليس من الميسور تحقيق ذلك لو أردناه، ولكن المهم هو معرفة أسباب التوفيق بين هذه المذاهب، حتى لا يكون بين أبنائها عدَاءٌ أو خلاف، بل يكون هناك تفاهم واتفاق
تذكرون طبعا الحديث النبوي: “من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر ، فلا يُصلينَّ العصر إلاّ في بني قُريظة” (البخاري و مسلم)، وعندما سار الصحابة إلى بني قُريظة، وقاربت الشمس على المغيب، انقسم الصحابة قسمين .. قسم قال: الوقت ضاق ويجب أن نُصلَّي، وقسم قال: الصلاة في بني قريظة، ولما احتكموا بعدها إلى النَّبي صلى اللّه عليه وسلم تبسم ولم يعنف أحداً، وأقرَّ هذا وأقرَّ هذا، الذي أراد أن يصلي في زمان الصلاة، والذي رأى أن يصلي في مكان الصلاة، لأن كل حدث له ركنان أساسيان : الزمان والمكان، والنَّبي صلى اللّه عليه وسلم أقرَّ الفريقين على اجتهادهما. انظر للنبي حين أقر الفعلين رغم “اختلافهما”؟
حين تتقبل حتمية الخلاف والاختلاف في الإسلام، ومن بعدها في جميع نواحي الحياة، وترضى روحك وعقلك بهذا، فلن تجد نار الغضب مشتعلة في صدرك حين يختلف أحد معك في الرأي، بل ستبتسم وتقبل الرأي المخالف وتمضي في حياتك سالما غانما
من أسباب اختلاف الحكم الفقهي، طبيعة النص، والقراءات ودرجة الحديث،وغيرها، وما يصلح لشخص لا يصلح
لآخر، وذلك في إطار الأحكام الظنية، المختلف عليها، وهذا من مرونة الشريعة وصلاحيتها لكل زمان ومكان.
يقول الشيخ الدكتور أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:
لقد اختلف أئمة الفقه في بعض الأحكام الفقهية الفرعية، مع اتفاقهم في الأصول والقواعد العامة للشريعة والفقه؛ وجميع أقوالهم المعتمدة الثابتة داخلة في شعاع نور الشريعة المطهرة.
المصدر الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله