الثقــــة بالحيتـــــــــــــان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كم هو جميل أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك ....
أن تبتسم ابتسامة حب وليس ابتسامة مجاملة ......
أن تقول الكلمة الطيبة للنصح وليس للرياء والمثالية ............
كل واحد منا بطبعه لديه ثقة بنفسه تجعله يردد دائماً أنا على صواب !! فتسأله هل كل الناس على خطأ .... فيبدأ التراجع .
إن كنت لا تقبل الخطأ فلا تخطئ .... وإن أخطأت فلك أن تعتذر ...
الصدق مع النفس وصدق التعامل يكسبك الرضا ويضعك على طريق محبة الناس ، بالكلمة الطيبة والابتسامة يكون لك قبول عند الغير .
من هنا نستشف مبدأ (الثقة)....
ثقة الناس بنا فإذا نجحنا بذلك سينساقون نحو حبهم لنا .... ويصبح ما نفعله
مثابة نبراس لهم يحتذونه ... ونجد قابلية لم نكن نتصورها ....
إذا تحدثنا ....سمعوا لنا....
وإذا نصحنا ..... استجابوا لنصحنا ....
وإذا أخطأنا .... أقاموا اعوجاجنا....
وإذا حزنا ... حزنوا لنا...
وإذا سعدنا .... فرحوا لنا....
ولا غرو في ذلك عندما نحس بتفاعل من نحب معنا من خلال تضحياته أو نصائحه
.... التي قد نتعرف على قيمة مكنوناتها بعد وقوع حوادثها مستقبلاً.
بعد ذلك كله نكسبه الثقة ونبدأ في الانسياق نحوه وحبه ...
ولنا في ميدان السرك أكبر دليل على منح الثقة ودورها ... ليس بين الإنسان والإنسان لكان الأمر عاديا.... بل الإنسان والحيتان !!!!
كم هو مدهش أن يداعب مدرب السرك الحوت باللعب معه والقفز نحو الماء ...
كيف لنا أن نتصور إنساناً يغوص بالماء مع حيوان ٍ مفترس !!!!
كيف استطاع هذا المدرب أن يطوع ويسخر هذا الحيوان للانصياع التام وتقبل
التوجيهات من خلال إيماءات وإشارات لا تتعدى حركة رجل ٍ و يد أو تعابير وجه
بالاستياء أو الارتياح .....!!
إن للثقة التي بناها مدرب السرك مع حيتانه السبب الرئيس في تعامله معه بكل حرية ....
بدأت بالثقة .. وانتهت بالحب ...
الحب الذي جعل أشرس حيوانات البحر افتراسا.... ألينها وأرقها تعاملاً ..!!
الحب الذي جعله لا يتردد في تنفيذ توجيهات مدربه له .
لكن هذه الثقة التي منحها المدرب للحوت ليست وليدة الصدفة ولم تكن لغة
تخاطب كلامية بل هي لغة تعزيز إيجابي من خلال تعزيز المواطن الإيجابية
بالمكافأة عند نجاح التطبيق لحركة ما يريدها المدرب ... ولا تتعدى كونها
وجبة غذاء أو تصفيق أو إشارة رضا ...
ولم يلجأ المدرب لاتخاذ أي من أنواع العقاب البدني أو الاستفزازي ....
باستثناء العقاب ذو الإيحاءات من خلال منع التعزيز السابق ذكرها .....
لأنه يعرف تمام المعرفة لو استخدم العنف معه لتبددت الثقة .... وأصبح
العقاب بمثابة الانتقام من الحوت وليس تصحيحاً للخطأ .... حينئذ سينتقم
الحوت لنفسه ويكون المدرب لقمة سهلة البلع ....
لنستنبط من مدرب السيرك نواة تعامل جديدة مع الآخرين لكسب ثقتهم بنا ومن ثم
حبهم لنا......... وإيصال ما لم نستطع إيصاله لهم من قبل .